الأحد، 17 يونيو 2012

دور القصة في تنشئة الطفل

تعتبر الوسائل والأساليب عنصراً هاماً من عناصر المنهج الحديث. ولا شك أن تنوع الأساليب التربوية تعمل على تشويق المتعلم وزيادة استعداده للتعلم، ومن الأساليب التي استخدمت في كتاب الله عز وجل في كثير من المواضع أسلوب القصة حيث يقول المولي في كتابه العزيز " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب، ما كان حديثاً يفتري ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدي ورحمة لقوم يؤمنون". (يوسف : 111)
        وكذلك استخدمها الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم لعلمه بأن هذا الأسلوب محبب للنفوس ففه التشويق ويعمل على صقل مواهب الفرد وتنمية ذكائه وتهذيب خلقه.
        وها هو عمر بن الخطاب يبعث إلى ساكنى الأنصار كتاباً يحدد فيه منهج التعليم التربوي والثقافي لأطفال المسلمين فيقول: "علموا أولادكم السباحة والفروسية ورووهم ما سار من المثل وحسن من الشعر".
        ولعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول الحكام الذين تنبهوا إلى أهمية القصة وخطورتها التربوية والتعليمية فها هو يقول: "رووهم ما سار من المثل وحسن من الشعر"، فلا شك أن لكل مثل قصة يسمونه مضرب المثل.
كما أبرز الإمام الغزالي رحمه الله في القرن الحادي عشر أهمية قصص الأطفال في تنشئة الصغار وتربيتهم حيث كتب في الفصل الخاص " بيان الطريق في رياضة الصبيان في أول نشوئهم ووجه تأديبهم وتحسين أخلاقهم" فكان يقول: مرحلة التعليم يشتغل الطفل في المكتب فيتعلم القرآن فأحاديث الأخبار وحكايات الأبرار وأحوالهم لنغرس في نفوسهم حب الصالحين.
نتبين من ذلك أن قصص الأبرار وحكايات الأخيار احدي الوسائل التعليمية لتقويم الخلق وتهذيب النفس كما أنها سبيلاً للتسلية والترفيه وشغل أوقات الفراغ عند الأطفال بمتابعتها بشوق ولهفة مما يبعدهم عن العبث والمجون.
وهذا يقودنا إلى تعريف القصة: قصة الطفل هي نسيج أدبي قوامه جو تتضح فيه فكرة من خلال حوادث تؤديها أو تتعامل معها شخصيات بطرق معينة تعبيراً عن المعني أو الشعور وتحقيقاً لهدف ترفيهي أو فكري أو عاطفي لدي الأطفال.

ويمكن أن نعرف قصص الأطفال بأنها عبارة عن موضوع أو فكرة لها هدف تمثل صورة الإبداع الفني التعبيري تصاغ بأسلوب لغوي فالأطفال بطبيعتهم يميلون إلى سماع القصة وينامون في هدوء عند سماعهم لقصص أمهاتهم وجداتهم.
أما عن دور القصة في نمو الجوانب المختلفة للطفل فلا شك أنه سوف يكتسب العديد من الخبرات والقيم والاتجاهات والعادات والأنماط السلوكية المختلفة منها:
أولاً : النمو اللغوي
حيث تعمل القصة على إثراء الحصيلة ا للغوية للطفل واتساع معجمه اللغوي.
فإن لغة الطفل تنمو من خلال التقليد لذا فإن إذا ما قدمنا للطفل النماذج الجيدة من القصص فسوف يقلده ويحاكيها في حياته اليومية, وتزداد الحصيلة اللغوية للطفل من خلال كلمات القصة وعبارات اللغة العربية وتعويده النطق السليم.
إن قدرة الطفل على استيعاب اللغة هي من المؤشرات لنمو قدراته العقلية فاللغة عبارة عن رموز ابتكرها الإنسان لتحمل معاني يسهل الاتصال البشري وعلى هذا فإن اللغة تسهل عملية التفكير وتسمح بأن يكون التفكير أكثر تعقيداً وكفاءة ودقة, وإنها بتركيبها الخاص تحدد مجرى التفكير ونوعه.
القصة تساهم في تقوية هذه القدرة عن طريق إغناء وإمداد الطفل باللغة, فمن خلال النص الأدبي للقصة يستطيع الطفل أن يكتسب اللغة التي صعب عليه فهمها واكتسابها.
ثانياً : النمو العقلي
حيث تعمل القصة على إكساب الطفل على الكثير من المعلومات وتساعده في غرس القيم والمبادئ الخلقية السليمة التي تساهم في تربيته وتوجيهه.
إن النمو العقلي يخضع لمظاهر تطور العمليات العقلية المختلفة والتي تبدأ بالمستوى الحسي الحركي وتنتهي بالذكاء العام الذي يعتمد على نمو الجهاز العصبي وذلك من خلال:
أ‌.       زيادة القدرة على التذكر والحفظ والانتباه والتخيل والتفكير والتحليل والنقد.
ب‌.  نمو الوظائف العقلية مثل الذكاء العام والقدرات العقلية المختلفة كالإدراك والتفكير والابتكار عند الأطفال.
ت‌. توسيع الخيال لأن القصة تخاطب العواطف من خلال الصور الإبداعية والخلقية ومن السهل على الطفل أن يحيا في جو من الخبرات الخيالية الموجودة في القصة.

ثالثاً : النمو الاجتماعي
تساعد القصة الطفل على :
أ‌.       إثارة نزعات كريمة في نفس الطفل وتعمل على بث العواطف النبيلة.
ب‌.  تكسبه طبع الخلق الفاضل وتدفع الطفل إلى حب الخير.
ت‌.  تبرز للطفل القيم الحميدة فتشعره بالانتماء للأسرة.
ث‌. تنمي الصفات الاجتماعية الحميدة مثل تعويده على كيفية التعامل مع الآخرين والمحبة والاحترام وحسن التصرف.
ج‌.    تكسبه مهارات اجتماعية في عملية الاتصال مع الغير.
رابعاً : النمو النفسي
للقصة دور فعال في النمو الانفعالي للطفل حيث تعمل على :
أ‌.       إكساب الطفل انفعالات مقبولة كالسرور والبهجة والمشاركة الوجدانية.
ب‌.  تخفف حدة التوتر والقلق.
ت‌.  تستخدم القصة في العلاج الطبي والنفسي للأطفال والاكتئاب والاضطراب والمخاوف المرضية.
ث‌.  تعطي فرصة للطفل للتعبير عن نفسه وتنمية قدرته على تكوين الاتجاهات الايجابية نحو ذاته والآخرين.
ج‌.    تشبع حاجات الطفل وخاصة:
·   الحاجة للتوجه ومساعدتة على التعرف على المبادئ والقيم التي يتميز بها المجتمع,  وتعمل على مساعدة الطفل في التعرف على وجود الحب بين جميع المحيطين به سواء كانوا أفراد الأسرة أو الأصدقاء.
·   الحاجة إلى النجاح تعمل القصة على إشباع حاجة الطفل إلى النجاح في المواقف وفي أداء الأعمال التي تسند إليه كالنجاح في المدرسة والمجتمع وغيره.
·   الحاجة إلى الاستقلال وذلك بتقديم مواقف تشجع الطفل على الاستقلال والاعتماد على النفس عند أداءه الأعمال المختلفة.
·        الحاجة إلى التقدير الاجتماعي ويتحقق ذلك بتقديم مواقف تعبر عن احترام الآخرين للطفل وإعجابهم بتصرفاتهم.
وللإجابة على السؤال التاني من الورقة :
كيف تختار القصة المناسبة؟ عندما نختار القصة للأطفال علينا مراعاة بعض الأمورالهامة ومنها:
·        أن تكون القصة بسيطة.
·        أن تحمل القصة معاني هادفة.
·        أن تناسب مستوى الطفل الثقافي.
·        أن تتماشى القصة مع واقع الطفل وخبراته.
·        يستحب أن يكون فيها مرح وصور ملونة واضحة.
·        تناسب طبيعة الطفل وميوله.
·        أن يكون فيها تكرار.
·        أن تكون سهلة وتمكن الطفل من حفظها بسهولة.
·        أن يناسب الاسم والعنوان موضوع القصة.
·        أن تنمي أحاسيس الطفل بالنشاط والحيوية.
·        أن تتاسب مع الجو الاجتماعي السائد.
·        أن تراعي سن الطفل والإدراك العقلي له.
·        أن يراعى مستوى الاجتماعي واللغوي والوجداني عند الأطفال.
·        عدكم تكتيف الأفكار في القصة الواحدة.

في ضوء ما سبق نوصي بالتالي:
1.    نوصي أولياء الأمور والمعلمين بأن يكونوا قدوة حسنة للأبناء في أقوالهم وأفعالهم.
2.    الإطلاع على القصص الواردة في الكتاب والسنة وسير الصالحين للانتفاع بها.
3.    انتقاء بعض القصص النوعية واقتنائها وتقديمها للأبناء.
4.  ضرورة اصطحاب الأبناء للمكتبات العامة وتشجيعهم على القراءة الانتقائية بما يتناسب مع المرحلة العمرية ومتطلباتها التربوية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق